IMLebanon

إلغاء المجالس والصناديق: بين النيات الاصلاحية والكباش السياسي

ثقيلة هي المسؤولية الملقاة على عاتق حكومة الرئيس حسان دياب، خصوصا على مستوى معركة مكافحة الفساد، علما أنها أبرز مطالب ثوار 17 تشرين. وبينما لا يزال المؤتمنون على القرار الرسمي اللبناني غارقين في وحول التخبط إزاء قرار الركون أو عدمه إلى صندوق النقد الدولي، زرع حزب الله لغما كبيرا على طريق الاستعانة بهذا “الصديق” الدولي . ذلك أن نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم أعلن بوضوح، قبل أيام، أن الضاحية ترفض “الخضوع لأدوات استكبارية” كصندوق النقد، علما أن الأخير لم يقدم، حتى اللحظة على الأقل، إلا استشارة تقنية لا تلزم الدولة اللبنانية في شيء. غير أن التصعيد السياسي في وجه الحكومة من جانب راعيها الأول لا يعفيها من مسؤولياتها في مجال مكافحة الهدر والفساد في الادارات والمؤسسات العامة، لأن الدول المانحة لا تزال في حال ترقب وانتظار لخطوات جدية وملموسة، تحدد بناء عليها موقفها من فريق الرئيس دياب.

وفيما يمكن اعتبارها محاولة متجددة من القيمين على القرار الحكومي لإرسال الاشارات “المطمئنة” إلى الشركاء الدوليين، أكدت أوساط وزارية لـ “المركزية” أن الرئيس دياب مُصرّ على المضي في اتخاذ الاجراءات الكفيلة بتخفيف النفقات غير المجدية، ويضع نصب عينيه إقفال ما يعتبرها مزاريب هدر أنشئت لأغراض سياسية طائفية حصرا، على رأسها الصناديق التي أبصرت النور في مرحلة ما بعد الحرب الأهلية.

وفي السياق، تلفت مصادر سياسية عبر “المركزية” أيضا إلى أن أنظار المراقبين سترصد بدقة في المرحلة اللاحقة صناديق كمجلس الجنوب وصندوق المهجرين ومجلس الانماء والاعمار. على أن الأهم يكمن في أن هذا المشهد يحمل بين طياته بذور اشتباكات سياسية متعددة الجبهات، قد ترى الحكومة نفسها مجبرة على الغرق في زواريبها. كيف لا والرأي العام اللبناني يقيم ارتباطا وثيقا بين هذه الصناديق وعدد من القوى السياسية كالحزب التقدمي الاشتراكي (صندوق المهجرين) وحركة أمل (مجلس الجنوب) وتيار المستقبل (مجلس الانماء والاعمار)، في مؤشر واضح إلى أن هؤلاء اللاعبين المحليين سيقفون بالمرصاد لأي محاولة لوضع اليد “الرسمية” على هذه الصناديق.

ولا شك في أن رئيس الحكومة يبدو متيقنا لصعوبة الاقدام على خطوة كهذه في ضوء المشهد السياسي الطائفي بامتياز في البلاد. لكن همه الأكبر يبقى، بحسب الأوساط الوزارية، تخفيف النفقات والغاء الازدواجية الرسمية، خصوصا بين بعض الصناديق والوزارات، كمجلس الانماء والاعمار ووزارة الأشغال العامة والنقل.

وإذ يستغرب المراقبون عدم إقدام الحكومة على أي خطوة جدية في هذا المجال، علما أنه بدا على رأس قائمة أولوياتها، تنبه الأوساط الوزارية إلى أن فتح هذا السجال يأتي في وقت يتلقى دياب وفريقه قنصا سياسيا مركزا من رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط المتموضع في المعسكر المعارض، ومن  سلفه الرئيس سعد الحريري، فيما يبدو بري  محور الحركة السياسية الموالية كما المعارضة، ما يضعه في موقف لا يحسد عليه في مواجهة الرئيس دياب، ومن ورائه حزب الله. لكن الأوساط الوزارية تشدد على أن دياب سيبادر إلى معالجة هذا الملف، بعد تفكيك لغم العلاقات الخارجية، والخليجية تحديدا”.

وفي الانتظار، رجح بعض المطلعين أن يبادر نواب التيار الوطني الحر، بوصفهم رافعي شعار الاصلاح والتغيير إلى إعداد دراسة حول بعض المجالس والصناديق وتقديم ملف كامل إلى القضاء.