IMLebanon

“الترسيم” مع سوريا ليس قصة “بلوك”… بل استخفاف بمفهوم الدولة

لو لم تُفاجأ الحكومة السورية بإعلانها في 9 آذار الماضي توقيع عقد مع شركة “كابيتال” الروسية للمسح والتنقيب عن النفط لا سيما بعدما تبين أن الحدود البحرية التي رسمها الجانب السوري في البلوك رقم 1 متداخلة بشكل فاضح مع البلوك رقم 2 من الجانب اللبناني، لما استُنفرت مشاعر الأخير، وكانت الأمور ستستمر على التداخل منذ ترسيم الحدود البحرية مع سوريا عام 2011.

وباستثناء المذكرة التي كشف عنها وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال شربل وهبه والتي ارسلتها الحكومة السورية إلى الدولة اللبنانية في ايار 2019 وطلبت فيها عقد اجتماع لبحث ترسيم الحدود بين البلدين ولم يحصل، والإتصال الذي أجراه الرئيس ميشال عون بنظيره السوري بشار الأسد، لا جديد تحت خط الترسيم.

لماذا سكت لبنان عن حقه طوال هذه الفترة؟ وهل من أسباب سياسية حالت دون متابعة الملف؟

الباحث في الشؤون الأمنية والسياسية العميد خالد حمادة لفت عبر “المركزية” الى أنها ليست المرة الأولى التي تثبت فيها سوريا عدم اعترافها بسيادة لبنان وتعتبره مسألة عقارية تريد تسويتها وليس مسألة دولتين متجاورتين بينهما مشاكل حدودية ويجب تسويتها”.

بعد ترسيم لبنان حدوده وإرساله المرسوم المعروف رقم 6433 في العام 2012 إلى الأمم المتحدة إعترض مندوب سوريا دون أن يتوجه بخطاب إلى الدولة اللبنانية . اليوم تختلق سوريا ملفا خلافيا جديدا يمت إلى السيادة اللبنانية. ويضيف حماده: “المؤسف أن الحكومة اللبنانية لم تحاول تطوير موقفها المصادر، وبقي الإرباك سيد الموقف. واللافت أن اصحاب القرار ولا سيما رئاسة الجمهورية وكل القوى السياسية المنضوية تحت ما يسمى محور الممانعة لا تجرؤ على المجاهرة بالحقوق اللبنانية أو على الأقل بإيجاد طريقة ما لحل هذا الخلاف”.

حماده كشف “أن المشاكل البرية والبحرية ليست جديدة وهي تحصل بين دول عديدة منها العراق والكويت، فرنسا والمانيا، الأردن وسوريا..وتمّ حلّها،  إلا النزاعات الحاصلة بين لبنان وسوريا بقيت عالقة، لأن ليس هناك قرار سوري أو قدرة على إلزام سوريا بالتعاطي بجدية في مسألة السيادة اللبنانية وكل ما يمت لها بصلة، وثانيا لأن ليس هناك إرادة لبنانية بإلزامها بفعل الإنقسام السياسي الحاد” .

“طرق الحل معروفة” يجزم حمادة “إما التقاء الدولتين عن طريق لجان فنية ومكاتب متخصصة لجلاء هذا الخلاف، أو اختيار وسيط يثق به الطرفان وروسيا هي الأوفر حظا للعب هذا الدور وإما باللجوء إلى الأمم المتحدة . لكن في الدرجة الأولى يجب إمتلاك الشجاعة اللازمة لإثارة هذا الخلاف وأخذه باتجاه المراجع الصالحة والخلفية القانونية المطلوبة”.

وفي هذا السياق اعتبر حماده أن “المأزق ليس تقنيا انما يتطلب الشجاعة السياسية لتحصيل حقوق لبنان وإلزام سوريا بالتوقف عن التعاطي بالمسائل السيادية اللبنانية بهذا النوع من الإستخفاف والإستلشاق بالحقوق اللبنانية”.

ويختم حماده: “على الجانب اللبناني إبلاغ الشركة الروسية التي تم التعاقد معها بأن العقد مع الحكومة السورية يتناقض مع الترسيم البحري للحدود اللبنانية الذي أرسل إلى الأمم المتحدة، وبالتالي الطلب إليها أن تأخذ في الإعتبار أثناء التنقيب عدم إجراء أي كشوفات في المساحة المتنازع عليها لأنه في حال إكتشاف إحداث أي ضرر في البيئة البحرية هناك أو أي كميات أو مكامن للغاز تصبح هذه المسألة أمام المحاكم الدولية لإعادة تحصيل حقوق لبنان وتحميل هذه الشركة المترتبات المالية والمعنوية نتيجة التنقيب في منطقة متنازع عليها”.