IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار الـ”mtv” المسائية ليوم السبت في 24/10/2020

الاستشارات الملزمة التي أدت إلى تكليف الرئيس سعد الحريري قيصريا تشكيل الحكومة، امتصها الرئيس عون بضحكة مصطنعة، وأكملها الرئيس بري موزعا المغلي المزين بالإيجابيات غير المسندة.

المسرحية المرتجلة تواصلت في الإستشارات غير الملزمة، حيث تبارى الغيارى على مصلحة الدولة، في تقديم النصائح وإعلانات الزهد بالمراكز للرئيس المكلف.

هذان المشهدان مرا سريعا واستهلك عسل الإحتفالات، لتبدأ حقيقة النيات بالانكشاف بدءا من اليوم. فالقصر الجمهوري استبق وصول الرئيس الحريري للإجتماع برئيس الجمهورية لوضعه في صورة استشارات الأمس ولرسم الإطار الأولي الذي سيتحرك على أساسه للتأليف، إذ وزعت أوساطه على الإعلام سيناريو أشبه بقنبلة دخانية مليئة بما اعتبرته أوساط قريبة من “بيت الوسط” بالمغالطات، فالرئيس الحريري ومن دون الغوص في تفاصيل أجواء بعبدا، لن يقبل بحكومة تكنوسياسية وهو متمسك بحكومة اختصاصيين غير حزبيين.

الموقفان المتناقضان يؤسسان لما يشبه بداية انفخات دف التشكيل باكرا، فالحريري يضع نصب عينيه المراقبة الدولية اللصيقة لمواصفات وزراء حكومته العتيدة وبرنامجها، فيما دوائر القصر تعتبر، ك”حزب الله”، أن مجرد إدارة الظهر للعيون الفرنسية- الأميركية كاف لإغماضها. صحة هذا المنطق ليست مستوحاة من موقف سياسي منحاز، بل من سيناريو التأليف الذي وزعته أوساط القصر، والذي لم تنفه بعبدا رسميا.

ويقول السيناريو بأن التشكيلة تكنوسياسية، لا مداورة على حقائبها، وقد تم التوافق على حصص السنة والشيعة والدروز، والاتفاق على حصص المسيحيين في طور الانجاز. توازيا، حافظ الرئيس الحريري على حبل الصمت مشدودا، وغادر بعبدا مكتفيا بالقول: الجلسة طويلة والجو إيجابي.

في الانتظار، الرهانات على كسر حلقة المراوحة تركز كلها على الخارج، للعقم المزمن الذي يقعد الداخل عن اجتراح الحلول. والرهانات لا تخلو من المبالغة في التصوير بأن حلقة التطبيع والمسايرة للأميركي التي حولت دول الطوق المعارضة تاريخيا للسلام مع اسرائيل، إلى دول مطوقة مفككة، ستدفع الإيراني البراغماتي الخائف من المزيد من التطويق والعزلة، إلى التهدئة لبنانيا والسماح بتشكيل حكومة تنقذ لبنان و”حزب الله” من السقوط، وهو بدأ هذا المسار بالسماح للدولة اللبنانية البدء بمفاوضات ترسيم الحدود مع اسرائيل.

في الأثناء، لبنان يتقلب على نار الدولار وإن همد جنونه نسبيا، وعلى نار الأسعار وانقطاع الدواء وخطر إقفال أبواب المستشفيات، في وقت تلتهم النار أحراجه ومساحاته الخضر ومنازله والسيارات، ورجال الدفاع المدني يكافحون بلحمهم الحي، بسيارات معطلة، خزاناتها فارغة، ولسان حالهم: طالما ألا محروقات لإطفاء نار الغابات، ستظل الغابات هي المحروقات ولن تنطفىء إلا بتحول الأخضر إلى يابس واليابس إلى حطب، والحطب إلى فحم.

وبعد، أليس هذا هو واقع الدولة منذ الاستقلال وقد شارفت الآن الزوال؟.